قصر عابدين: درة العمارة الملكية وشاهد على تحولات التاريخ

كتب /أحمد نبيه

قصر عابدين: جوهرة معمارية وشاهد على التاريخ

 

 

يُعد قصر عابدين واحدًا من أهم القصور التاريخية في مصر، حيث يجمع بين العراقة المعمارية والأحداث السياسية التي شكلت ملامح الدولة الحديثة بُني القصر في عهد الخديو

إسماعيل في القرن التاسع عشر ليكون مقرًا للحكم الملكي، وأصبح لاحقًا شاهدًا على تحولات كبرى في تاريخ مصر، من الحكم الملكي إلى العصر الجمهوري.

يتميز القصر بتصميمه الفخم الذي يمزج بين الطراز الأوروبي والتأثيرات الشرقية، فضلًا عن احتوائه على قاعات فاخرة وساحات شهدت قرارات غيرت مسار البلاد.

 

ورغم تغير دوره مع الزمن، لا يزال قصر عابدين رمزًا للتاريخ المصري، يحتضن بين جدرانه قصصًا لا تُنسى عن السياسة والفخامة والحكم.

تاريخ بناء القصر:بدأت حكاية قصر عابدين عام 1863 عندما قرر الخديوي إسماعيل بناءه، فقام بالتواصل مع ورثة عابدين بيك لشراء الأرض التي اختارها ليكون عليها القصر.

وكلف المهندسين الفرنسيين ليون روسو ودي كوريل بتصميمه، واستغرق بناؤه عشر سنوات حتى تم الانتهاء منه عام 1873.

المقيمون في القصر:سكن القصر ستة حكام متعاقبين، بداية من الخديوي إسماعيل وصولًا إلى الملك فاروق، الذي كان آخر حكام أسرة محمد علي الذين أقاموا فيه.

المساحة والتصميم المعماري:تبلغ مساحة القصر حوالي 25 فدانًا، خُصصت خمسة منها للمباني، بينما تم إنشاء حدائق القصر على العشرين فدانًا المتبقية، حيث زُرعت بأنواع نادرة من الأشجار والنباتات، ومن أبرزها شجرة التين البلغاري.

وتحتوي الحديقة على معلمين بارزين تم بناؤهما في عهد الملك فؤاد الأول، وهما كشك الشاي وكشك الموسيقى المطل على حمام السباحة، كما يوجد بها باب باريس، أحد أهم وأشهر معالم القصر.

تصميم القصر الداخلي:يتكون القصر من 550 غرفة وقاعة، تنقسم بين السلاملك، وهو مقر الحكم والمقابلات الرسمية، والحرملك، المخصص لإقامة العائلة المالكة.

عند دخول القصر، يشعر الزائر وكأنه انتقل إلى زمن الفن والأناقة، حيث يزدان المكان بتماثيل كلاسيكية وأعمدة رخامية تعكس فخامة العصر الملكي.

أبرز القاعات والصالونات:سلم المرايا: يقع في نهاية السلاملك، ويقود إلى الطابق الثاني، حيث تتزين واجهته بتمثال الملكة مارجريتا ملكة إيطاليا.

قاعة قناة السويس: من أهم القاعات، حيث تضم لوحات تاريخية رائعة عن افتتاح القناة، أبرزها لوحتان للفنان العالمي إدوارد ريو.صالونات القصر الأربعة: تشمل الصالون الأخضر، الصالون الأحمر، الصالون الأزرق، والصالون الأبيض.

يضم كل منها تحفًا فنية ومدافئ رخامية وساعات فرنسية، وكانت هذه الصالونات تُستخدم لاستقبال الضيوف وكبار الشخصيات.

قاعة الاجتماعات الرسمية: شهدت العديد من الأحداث السياسية المهمة، وتتميز بطاولتها البيضاوية و22 كرسيًا.الحديقة الشتوية: تضم أجمل وأندر أنواع الزهور والنباتات، وكانت المكان المفضل للملك فؤاد خلال فصل الشتاء.

قاعة محمد علي: واحدة من أكبر القاعات وأكثرها فخامة، حيث زُينت بأثاث نادر من طراز لويس السادس عشر.

قاعة الطعام الرئيسية: تتميز بطابع عربي وزخارف إسلامية، وكانت مقرًا لاستقبال الملوك ورؤساء الدول.مسرح القصر: شهد حفلات أسطورية، من بينها حفلات لكوكب الشرق أم كلثوم.

قاعة العرش: بُنيت بأمر الملك فؤاد الأول ليتم فيها تتويج ملوك المستقبل، وصممها الفنان الإيطالي فيروتجي بإبداع مذهل ممر الصيد: يزينه لوحات فنية خاصة بالصيد، ويقود إلى أقدم صالونات القصر، وهو صالون الخديوي إسماعيل، الذي شهد مراسم زواج بعض أبنائه.

القاعة البيزنطية: تُعتبر من أجمل القاعات عالميًا، حيث صُممت بثلاثة طرز فنية مختلفة: البيزنطي، القبطي، والإسلامي، وزُينت بـ 17 نوعًا من الرخام.

يظل قصر عابدين شاهدًا على حقبة مهمة من تاريخ مصر، ليس فقط كمقر للحكم، ولكن أيضًا كمعلم ثقافي يعكس تطور العمارة والفنون عبر العصور وبين جدرانه، تتجسد قصص الملوك والرؤساء، ما يجعله من أهم القصور الرئاسية في العالم العربي.

وزيارة هذا الصرح التاريخي تبقى تجربة لا تُنسى، تجمع بين جمال الماضي وروعة الحاضر.

مشاركة

إرسال التعليق